قدسية المكان

نتألم كثيرا عندما نسمع ونرى استباحة اليهود للمسجد الأقصى ، و نحن نعلم علم اليقين أنه آي من آيات ربنا ، و أنه قبلة أولى قبل قبلتنا ، و أنه إليه أسري نبينا ، ومنه عرج به إلى سدرة المنتهى .
إننا لا نجيز لأنفسنا أن نفطر في نهار رمضان لأنه زمان مقدس ، كما لا نترك الصلوات الخمس في اليوم والليلة لأنها أفعال مقدسة ، و لا نذر الذكر والإستغفار و التكبير لأنها أقوال مقدسة ، لكننا أجزنا لأنفسنا التفريط في المكان المقدس ،
أجزنا لأنفسنا أن نشاهد أشلاء تتناثر في باحته دفاعا عنه ، و نحن متكئين على الأراك ننظر إلى التلفاز ، وشفاهنا لا تبرحها عبارات الحوقلة ، وبعد طي هذه الصفحة المؤلمة عدنا أدراجنا إلى أحاديث الكرة و أخبار قدوم مهدي لحسن ، و إصابات بوقرة و بزاز و التي نستشعر وخزها الأليم في نفوسنا أكثر من استشعارنا للجثث المفحمة على أسوار الأقصى . ننتظر بشغف المونديال الذي أدخل الملايين من البشر و المغفلين ضمن مشاريع أصحاب الصفقات التجارية ، نتلهف إلى شراء الشروق اليومي و النهار الجديد لأنهم يحسنون العزف على أوتار الوطنية في نفوسنا ، فتزيدنا عناوينه البارزة التي فيها نكايات في المصريين مزيدا من الشقاق و الحقد على إخواننا في الدين .

إن المعادلة تقول أن اليهود يتقدمون خطوة فخطوة نحو انتزاع المسجد الأقصى من المسلمين و أن العرب يتراجعون سنوات وسنوات إلى الوراء نحو زمن المونديال الذي سيحرم المتطلعون إليه من متابعته إلا إذا دفعوا ثمن ذلك .

و يتراجعون قرونا و قرونا بسبب خلافاتهم الإقليمية ، و عدم الإصلاح ذات البين فيما بين الراعي والرعية ، ، و الأدهى من ذلك ، هو أنه كلما يدق ناقوس الخطر لأنقاذ الأقصى تعوّدنا حليمة على عادتها القديمة ، فيضرب تاريخا مؤجلا كعادة عربنا لعقد قمة ، و ذلك انتظارا لردود الزعماء عليها ، وانتظارا للترتيبات فيما يخص ظروف انعقادها ، وهي لعمري ترتيبات شكلية أهمها : معاينة رٍجيم كل عضو ، وتزيين القاعة بما يسحر الأنظار من ديكورات ، وما شابه ذلك ، ثم يستدعى إلى الحضور إليها ألد أعدائهم ، ليتخذوا من مقترحاتهم و مشوراتهم بيانا ختاميا يرفع إلى مجلس الأمن ، الذي يلقي به في مزبلة الفيتو ،

الحلول :
إن تحرير القدس مسألة لا يجب أن يتملص أحد بنفسه من أحل حلها ، لأننا إن لم نتول نحن حلها ، يتولى حلها الأجيال من بعدنا ، لذا فأضعف الإيمان هو أن نستعد لصناعة ذلك الجيل من زماننا و مكاننا التربوي ( الأسرة والمدرسة ) وذلك حتى نعيد إلى ديننا قدسية المكان .

بقلم : بوشويحة بوحركات