لقد جمع الله ـ جلَّ وعلا ـ لنبيِّنا صلى الله عليه وسلم بديعَ الكلِم، وجوامع الوصايا، وأكمل القول وأتمَّه وأحسنَه، ومن كان ذا صلةٍ وثيقةٍ بالسُّنة وهديِ خير العباد ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ فاز في دنياه وأخراه·
وهذه وقفةٌ مع وصيَّةٍ وجيزةٍ وموعظةٍ بليغةٍ مأثورةٍ عن نبيِّنا الكريم ـ عليه الصَّلاة والسَّلام ـ جمعت الخير كلَّه ووفَّته؛ ففي (مسند الإمام أحمد)، و(سنن ابن ماجه) وغيرهما من حديث أبي أيُّوب الأنصاري رضي الله عنه أنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: عِظْنِي وَأَوْجِزْ، وفي رواية عَلِّمْنِي وَأَوْجِزْ، فَقَالَ ـ عليه الصَّلاة والسَّلام ـ: (إِذَا قُمْتَ فِي صَلَاتِكَ فَصَلِّ صَلَاةَ مُوَدِّعٍ، وَلَا تَكَلَّمْ بِكَلَامٍ تَعْتَذِرُ مِنْهُ غَدًا، وَأَجْمِعِ اليَأسَ مِمَّا فِي يَدَيِ النَّاسِ)(1) وهو حديثٌ حسنٌ بما له من شواهد؛ وقد جمع هذا الحديث العظيم ثلاثة وصايا عظيمةً جمعت الخير كلَّه، مَن فهمها وعملَ بها حازَ الخير كلَّه في دنياه وأخراه·
الوصيَّة الأولى: وصيَّةٌ بالصَّلاة والعناية بها وحسن أدائها·
والوصيَّة الثَّانية: وصيَّةٌ بحفظ اللِّسان وصيانته·
والوصيَّة الثَّالثة: دعوةٌ إلى القناعة وتعلُّق القلب بالله وحده·