المربي المتميز
نحمد الله لكم ونرحب بكم في منتديات المربي المتميز ، منتديات التربية و التعليم بشار/الجزائر
تحيات صاحب المنتدى: الزبير بلمامون
يرجى التكرم بالدخول إن كنت واحدا من أعضائنا
أو التسجيل إن لم تكونوا كذلك وترغبون في الانضمام إلي أسرة منتدانا

شكرا ، لكم ، إدارة المنتدى
المربي المتميز
نحمد الله لكم ونرحب بكم في منتديات المربي المتميز ، منتديات التربية و التعليم بشار/الجزائر
تحيات صاحب المنتدى: الزبير بلمامون
يرجى التكرم بالدخول إن كنت واحدا من أعضائنا
أو التسجيل إن لم تكونوا كذلك وترغبون في الانضمام إلي أسرة منتدانا

شكرا ، لكم ، إدارة المنتدى
المواضيع الأخيرة
» أدب الأطفال الجيّد (نثرًا وشعرًا)
من طرف د. محمود أبو فنه الثلاثاء أكتوبر 12, 2021 1:12 pm

» معلّمي، كم أنا مدينٌ لكَ!
من طرف فارس جواد الثلاثاء أكتوبر 12, 2021 9:27 am

» التوزيع السنوي ، الشهري و الأسبوعي لجميع المستويات
من طرف brka1 السبت سبتمبر 18, 2021 11:57 am

» عرض تبسيطي لبيداغوجيا المقاربة بالكفاءات فريد بودميغة
من طرف فارس جواد الخميس يوليو 08, 2021 11:16 am

» ماهي السعادة ؟
من طرف abdelouahed الأحد مايو 23, 2021 11:11 am

» مع دخول الإمتحانات.
من طرف abdelouahed الأحد مايو 23, 2021 9:44 am

» 27 نصيحة حول العروض التقديمية للطلاب والمدرسين
من طرف gourarilarbi الإثنين يناير 27, 2020 11:18 pm

» دراسة نص مع التصحيح س 5 ( جديد)
من طرف brmd السبت ديسمبر 07, 2019 8:00 am

» التقويم والمراقبة المستمرة في الظاهر الصرفية و النحوية و الإملائية سنة ثالثة
من طرف mahmoudb69 الجمعة نوفمبر 29, 2019 6:03 pm

» من أقوال الامام علي (كرم الله وجهه)
من طرف mahmoudb69 الجمعة نوفمبر 29, 2019 6:01 pm

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
بلمامون - 8780
الثواب والعقاب في التربية Poll_c10الثواب والعقاب في التربية Poll_m10الثواب والعقاب في التربية Poll_c10 
محمود العمري - 4586
الثواب والعقاب في التربية Poll_c10الثواب والعقاب في التربية Poll_m10الثواب والعقاب في التربية Poll_c10 
abdelouahed - 2056
الثواب والعقاب في التربية Poll_c10الثواب والعقاب في التربية Poll_m10الثواب والعقاب في التربية Poll_c10 
ilyes70 - 1477
الثواب والعقاب في التربية Poll_c10الثواب والعقاب في التربية Poll_m10الثواب والعقاب في التربية Poll_c10 
hamou666 - 902
الثواب والعقاب في التربية Poll_c10الثواب والعقاب في التربية Poll_m10الثواب والعقاب في التربية Poll_c10 
متميز - 831
الثواب والعقاب في التربية Poll_c10الثواب والعقاب في التربية Poll_m10الثواب والعقاب في التربية Poll_c10 
fayzi - 522
الثواب والعقاب في التربية Poll_c10الثواب والعقاب في التربية Poll_m10الثواب والعقاب في التربية Poll_c10 
زكراوي بشير - 449
الثواب والعقاب في التربية Poll_c10الثواب والعقاب في التربية Poll_m10الثواب والعقاب في التربية Poll_c10 
assem - 428
الثواب والعقاب في التربية Poll_c10الثواب والعقاب في التربية Poll_m10الثواب والعقاب في التربية Poll_c10 
inas - 399
الثواب والعقاب في التربية Poll_c10الثواب والعقاب في التربية Poll_m10الثواب والعقاب في التربية Poll_c10 


الثواب والعقاب في التربية

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل

بلمامون
بلمامون
صاحب الموقع
صاحب الموقع
الجزائر
ذكر
عدد المساهمات : 8780
تاريخ التسجيل : 02/01/2010
http://belmamoune.ahlamontada.net

مُساهمةبلمامون الإثنين سبتمبر 30, 2013 3:54 pm

             الثواب والعقاب في التربية:
منقول من موقع تربويات عربية

      تلتقي نظريات علم النفس الحـديـث مــع الإسلام في أن العقوبة أمر مشروع لمن لم تُفد معه الأساليب التربوية الأخرى كالمدح والثـنـاء في وضع حد للسلوك الخاطئ وإطفائه؛
ذلك أن بعض الناس لا يرتدعون إلا بالعقوبة؛ وقد جاء في الأثر:
(إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن).
والإسـلام يُجيز العقوبة ويشرّع لها؛ ولذلك وضع 

عقوبات وحدوداً معينة لبعض الجرائم الأخلاقـيـة: فجريمة القتل حدها القتل، وجريمة السرقة حدها قطع اليد،وجريمة شرب الخمر حدها الجلد، وكذلك جريمة الزنا لغير المحصن حدها الجلد أيضاً.
وهكذا نجد في القرآن الكريم تفاصيل هذه الحدود بما لا يدع مجالاً للشك؛قال ـ تعالى ـ في حد القتل: ((وَلَكُمْ فِي القِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي ا لأََلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)) [البقرة: 179]. فجعل حـيــاة المجتمع وقفاًعلى موت بعض أفراده السيئين قطعاً لجذور الفساد وردعاً لمن تسول له نفسه القيامبذلك جزاء وفاقاً.
وقال في حد الـسـرقــة: ((وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللَّهِ واللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)) [المائدة: 38].
وقال في حد الزنا: ((الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَاًخُذْكُم بِهِمَا رَاًفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِوَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ المُؤْمِنِينَ)) [النور: 2].
وقال تعالى ـ في جواز ضرب الرجل زوجته ضرباً غير مبرح: ((وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي المَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِياًكَبِيراً)) [النساء: 34].
وفي تأديب الصبي وجواز ضربه على إهمال الصلاة إذا بلغ عشراً، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: (مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين، وفرقوا بينهم في المضاجع).
وهكذا يتبين لنا من هـــذه الأدلة أن الإسلام يجيز مبدأ العقاب ويشرع له، ولذلك لا نجد من التربويين المسلمين الأوائل من أنكر مبدأ العقاب في التربية؛ ولكنهم أحاطوه بسياج من الشروط والقيود، وجعـلـــوه تالياً للمدح، وقدموا عليه الرفق؛ عملاً بقول الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم-: (إن الـرفــق لا يكـــون فـي شــيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه).
وعـــن عائشة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (يا عائشة! إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على ما سواه).
ونـجــــد من بين التربويين الأوائل الذين تكلموا في هذا الموضوع: الإمام الفقيه محمـد بن سحنون (ت 256هـ)، وأبا الحسن القابسي (ت 324 هـ)،وابن الجزار القيرواني الطبيب (ت 369هـ)، والغزالي (ت 505 هـ)، وبرهان الدينالزرنوجي (ت 640 هـ)، وابن جماعة الكناني (ت 733هـ) وابن خلدون (ت 808 هـ) وغيرهم.
قال ابن سـحـنـون: (ولا بــــأس أن يضربهم ـ يعني المؤدب أو المعلم ـعلى منافعهم، ولا يتجاوز بالأدب ثلاثاً إلا أن يأذن الأب فـي أكـثـر من ذلك إذا آذىأحداً، ويؤدبهم على اللعب والبطالة، ولا يجاوز بالأدب عشراً، وأما على القرآن فلا يجاوز أدبه ثلاثاً).
ويعلل ابن سحنون ذلك بقوله: (لأن عشرة غاية الأدب؛ وكذلكسمعت مالكاً يقول: وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (لا يضرب أحدكم أكثر من عشرةأسواط إلا في حد).
وقد جاء في وصية ابن سحنون لمعلم ولده: (لا تؤدبــه إلابالمدح ولطيف الكلام، وليس هو ممن يؤدّب بالضرب والتعنيف).
ويلتقي أبو الحسن القابسي مع ابن سحنون في ضرورة الرفق بالصبيان وعدم تجاوز الثلاثة فـي التأديب،وإنما يلجأ إلى الضرب فقط عندما لا ينفع العذل والتقريع بالكلام الذي فيها لـتـوعــد من غير شتم ولا سب لعِرْض، يقول أبو الحسن القابسي: (وإذا استأهل الضرب فاعلم أن الضرب من واحدة إلى ثلاث، فليستعمل اجتهاده لئلا يزيد رتبة فوق استئهالها،وهذا هو أدبه إذا فرّط فتثاقل عن الإقبال على المعلم، فتباطأ في حفظه، أو أكثر الخطأ في حزبه، أو في كتابة لوحه.
ولئن سـمـح القابسي للمعلم بمعاقبة التلاميذ بهذا القدر من الضرب إلا أنه علّق ذلك على مدى استـئهـال التلميذ لذلك، وقيّده بثلاثة، واشترط في تجاوز الثلاثة إلى العشرة مشورة أبي الصبي أو ولي أمره ومدى احتمال الصبي للضرب فوق الثلاثة إذا استأهل ذلك، وألا يتعدى أثر الـضــــرب الألمإلى التأثير المشنع أو الوهن المُضِر. وعلى الجملة: فالمعلم عنده عوض عن الأب بالنسبة للصبيان (فهو المأخوذ بأدبهم، والناظر في زجرهم عما لا يَصْلح لهم،والقائم بإكرامهم عـلـى مـثـل مـنـافـعهم؛ فهو يسوسهم في كل ذلك بما ينفعهم، ولايخرجهم ذلك من حسن رِفْقه بهم، ولا مـن رحـمـتـــه إيـاهـــم؛ فإنما هو لهم عوض منآبائهم) ويعلل القابسي ذلك بقول الرسـول -صلى الله عليه وسلم-: (اللهم من ولي منأمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفـق بـه)، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله يحبالرفق في الأمر كله).
وقد تحدث ابن الجزار القيرواني الطبيب عن الفرق بين الصبيان في مدى قبولهم للأدب؛ إذ منهم من يتقبل الأدب قبولاً سهلاً، ومنهم من لا يقبل ذلك، ومنهم من إذا مُدِحَ تعلم علماً كثيراً، ومنهم من يتعلم إذا عاقبه المعلم ووبخه، ومنهم من لا يتعلم إلا إذا استعملت معه أساليب أشد تعنيفاً كالضرب مثلاً. ولذلك قرر ابن الجزار مراعاة هذه الفروق الفردية، واتباع الأسلوب المناسب لتأديب الصبي بما يناسبه من الأساليب؛ حيث قال: (فأما إذا كــان الـصـبـي طبيعته جيدة، أعني: أن يكون مطبوعاً على الحياء وحب الكرامة والألفة محباً للصــدق؛ فإن تأديبه يكون سهلاً، وذلك أن المدح والذم يبلغان منه عند الإحسان أو الإساءة ما لا تبلغه العقوبة من غيره، فإن كان الصبي قليل الحياء، مستخفاً للكرامة، قليل الألفة، مـحـبـاً للـكــذب، عـسـراً تأديباً، ولا بد لمن كان كذلك من إرهاب وتخويف عند الإساءة، ثم يحقق ذلك بالضرب إذا لم ينجح التخويف.
وقد بين الغزالي أن الطريق في ريـاضــة الـصـبـيـان وتأديـبـهـم ينبغي أن يؤسس على الرفق واللين، والثواب والمدح لا العقاب والشدة والتعنيف؛ حيث قال: (ثم مهما ظهر من الصبي من خلق جميل وفعل محمود فينبغي أنيكرم عليه، ويجازى عليه بما يفرح به ويمدح بين أظهر الناس، فإن خالف ذلك في بعض الأحوال مرة واحدة؛ فـيـنبغي أن يتغافل عنه، ولا يهتك ستره، ولا يكاشفه، ولا يظهر له أنه يتصور أن يتجاسر أحـــد على مثله، ولا سيما إذا ستره الصبي واجتهد فيإخفائه؛ فإن إظهار ذلك عليه ربما يفيده جسارة حتى لا يبالي بالمكاشفة، فعند ذلك إنعاد ثانية فينبغي أن يعاقب سراً ويعظم الأمر فيه، ويقال له: إياك أن تعود بعد ذلك لمثل هذا، وأن يُطّلع عليك في مثل هذا فتُفضح بين الناس. ولا تكثر القول عليه بالعتاب في كل حين فإنه يهون عليه سماع الملامة، وركـــوب القبائح، ويسقط وقع الكلام من قلبه).
أمـــــا العلاّمة ابن خلدون فقد عقد في مقدمته فصلاً في أن الشدة على المتعلمين مُضرّة بهم، أشار فـيــــه إلى الأضرار الخطيرة التي تعود على الفرد في مرحلة الرشد، وعلى المجتمع بأسره نتيجة الشدة والتعنيف في تأديب الولدان في الصّغر، وما ينجرّ عنها من فساد وسوء خلق وتـعــوّد على الكذب والخبث والكيد والمكر والخديعة؛ لأن الراشد قد تعوّد في صغره التظاهر بغير ما في ضميره خوفاً من انبساط الأيدي بالقهر عليه، فصار ذلك له خلقاً وعادة لم يستطع منها فكاكاً في الكبر.
يقول ابن خلدون: (ومن كان مَرْباه بالعسف والقهر من المتعلمين أوالمماليك أو الخدم سطا به القهر، وضيّق على النّفْسِ في انبساطها، وذهب بنشاطها،ودعاه ذلك إلى الكسل،وحمله على الكذب والخبث وهو التظاهر بغير ما في ضميره خوفاً من انبساط الأيدي بالقهر عليه، وعلمه المكر والخديعة لذلك، وصارت له هذه عادة وخلقاً،وفسدت معاني الإنسانية التي له من حيث الاجتماع والتمدّن، وهي الحمية والمدافعة عن نفسه ومنزله، وصار عيالاً على غيره في ذلك، بل وكسلت النفس عن اكتساب الفضائل والخلق الجميل؛ فانقبضت عـــن غايتها ومدى إنسانيتها، فارتكس وعاد في أسفل السافلين).
ولم يكـتـف ابـن خلدون بهذه الإشارة الجميلة للآثار المترتبة على العنف في التربية؛ بل ضرب لنا مثلاً واقـعـيـــاً باليهود وما اتصفوا به من خبث ومكر وكيد؛ ومردّ ذلك حسب تحليله يعود إلى ما لـقــــوه من قهر وعسف نتيجة تيههم وتفرقهم في الأمصار. يقول ابن خلدون: (وانظره في اليهود وما حصل بذلك فيهم من خلق السوء، حتى إنهم يوصفون في كل أفق وعصر بالحرج؛ ومعناه في الاصطلاح المشهور: التخابث والكيد؛ وسببه ما قلناه. (أي: العسف والقهر في التأديب).
ولذلك دعا ابن خلدون إلى الرفق بالمتعلم واجتناب الشدة في تأديبه وتهذيبه، واستحسن وصية الرشيد لمعلم ولده محمد الأمين، واعتبرها من أحسن مذاهب التعليم، ومما جاء فيها: (يا أحمر! إن أمير المؤمنين قد دفع إليك مهجة نفسه، وثمرة قلبه، فصيّر يدك عليه مبسوطة،وطاعته لك واجبة، فكن له بحيث وضعك أمير المؤمنين: أقرئه القرآن، وعرّفه الأخبار،وروّه الأشعار، وعلّمه السنن، وبصّره بمواقع الكلام وبدئه، وامنعه من الضحك إلا في أوقاته، وخذه بتعظيم مشايخ بني هاشم إذا دخلوا عليه، ورفع مجالس القواد إذا حضروا مجلسه، ولا تمرّنّ بك ساعة إلا وأنت مغتنم فائدة تفيدها إياه، من غير أن تحــزنـــه فتميت ذهنه، ولا تمعن في مسامحته فيستحلي الفراغ ويألفه، وقوّمه ما استطعت بالقرب والملاينة؛ فإنْ أباهما فعليك بالشدة والغلظة).
وأجمل منها وصية مسلمة بن عـبـد الـمـلـك إلى مؤدب ولده؛ حيث قال: (إني قد وصَلْتُ جناحك بعضدي، ورضيتُ بك قريناً لولدي؛ فأحسن سياستهم تدم لك استقامتهم، وأسْهِلْ بهم في التأديب عن مذاهب العنف، وعـلّـمـهــــم معروف الكلام، وجنّبهم مثاقبة اللئام، وانههم أن يُعرَفوا بما لم يَعْرِفوا، وكن لهم سائساً شفيقاً، ومؤدباً رفيقاً تكسبك الشفقة منهم المحبة، والرفق حسن القبول ومحمود المغبة، ويمـنـحك ما أرى من أثرك عليهم، وحسن تأديبك لهم مِني جميل الرأي، وفاضل الإحسان ولطيف العناية).
ومما سبق يتضح أن المربين المسلمين الأوائل وإن أقرّوا بـدور الـعـقـاب في التربية إلا أنهم جعلوه من باب: (آخر العلاج الكي) بحيث لا يلجأ إليه المربي إلا عند الضرورة القصوى، وضمن حدود معينة، وشروط محددة؛ فهم قد فاضلوا بين الأساليب التربوية على النحو الآتي:
- المدح والثناء والترغيب:
اعتبر التربويـون المسلمون الأوائل الثواب والمدح والثناء الأسلوب الأمثل، والحافز الأقوى للتعلم، ولذلك طالبوا المعلم بالمبادرة به قبل غيره، وأن لا يلجأ إلى غيره إلا لحاجة ملحّة قـد تفـرضـهـا طبيعة الصبي كأن يكون الصبي قليل الحياء مستخفّاً بالكرامة، قليل الألفة محباً للكذب. وفيذلك يقول أبو الحسن القابسي: (وإذا هو أحسن يغبطه بإحسانه من غير انبساط إليه ولامنافرة له لـيـعـرف وجــــه الـحـســن مــن الـقـبـيـح فيتدرج على اختيار الحسن).
وفي ذلك أيضاً يقول الغزالي: (ثم مهما ظهر من الصبي خلق جميل، وفعل محمود فينبغي أن يكرم عليه ويجازى عليه بما يفرح به ويمدح بين أظهر الناس).
وقد مر معنا وصية ابن سحنون لمؤدب ولده: (ولا تؤدبه إلا بالمدح ولطيف الكلام).
كذلك أوصى ابن جماعة المعلم بشكر التلميذ إذا أصاب الجواب ومــدحــــه والثناء عليه، فقال: (فمن رآه مصيباً في الجواب، ولم يخف عليه شدة الإعجاب شكره وأثنى عليه بين أصحابه ليبعثه وإياهم على الاجتهاد في طلب الازدياد). وقد كان الـمـربـون الأوائل يتحينون الفرص لتشجيع الأولاد وحثهم على المنافسة النزيهة في العلم وتحصيله. قال ابن سحنون في حث المعلم على ذلك: (وينبغي أن يجعل لهم وقتاً يعلمهم فيه الكتاب ويجعلهم يتجاوزون؛ لأن ذلك مما يصلحهم ويخرجهم، ويبيح لهم أدب بعضهم بعضاً).
وكانوا إذا حذق الصبي القرآن ـ أي أصبح ماهراً فيه ـ جمعوا له الناس وعمـلـوا له وليمة لتشجيعه ومدحه بين الناس بما يدفعه إلى الاستزادة من العلم وتحصيله؛ خصـوصـــاً إذا علمنا أن أول ما يتعلمه الصبي في الكتّاب القرآن الكريم، فهو بختمه القرآن الكريم وحذقه لا يزال في بداية الطريق. جاء في: (كتاب العيال) للحافظ ابن أبي الدنيا: (حدثني بشر بن مـعــاذ الـعـبـدي، حدثنا أبو عمارة الرازي، حدثنا يونس، قال: حذق ابنٌ لعبد الله بن الحسن بن أبي الحسن، فقال الحسن: إن فلاناً قد حذق.
فقال الحسن: كان الغلام إذا حذق قبل اليوم نحروا جزوراً وصنعوا طعاماً للناس).
وبهذا يكون المربون الأوائل قد سبقوا بأشواط كثيرة علماء النفس المحدثين في تقرير أهمية المدح والثناء فـي الـتـربـيـــة. ويشار إلى أسلوب التشجيع والثواب في علم النفس بمصطلح (التعزيز). ومعناه المكافأة ويعـتـبر التعزيز، سواء كان معنوياً كالمدح والثناء، أو مادياً، من أهم الأساليب الحديثة في تعديل السلوك وتهذيبه. وهكذا يتضح أن التربويين المسلمين قد لامسوا الموضوع عن قرب ولكن دون الـدخــــول في تفصيلات كبيرة كما هو الشأن بالنسبة لعصرنا الحالي الذي تشعبت فيه التخصصات.
- الإيحاش والإعراض والتّرْك:
ويعتبر الإيحاش والإعراض والترك أقل درجــــات العقوبة المعنوية؛فالمعلم قد يلحظ على الصبي ملحظاً أو يرى منه تصرفاً غير لائق؛ ولكنه يُعرض عنه ويتغافل عنه ولا يعنفه أو يشتد عليه في العقوبة؛ ربما لأن الصبي قام بهذا السلوك مرة واحدة فيعفو عنه، أو لأنه كان يتوقع أن ما قام به يعتبر لائقاً وينتظر عليه مـكـافــأة من المعلم ولو في صورة مدح أو بشاشة وجه أو اهتمام به، فيعرض المعلم عنه ويبدي له نوعاً من الإيحاش وعدم البشاشة. وقد أشار الغزالي إلى هذا الأسلوب بقوله: (فإن خالف ذلك (أي: أتى فعلاً غير محمود أو تخلق بخلق غير جميل) في بعض الأحوال مرة واحدة فـيـنـبغي أن يتغافل عنه ولا يهتك ستره ولا يكاشفه ولا يظهر له أنه يتصور أن يتجاسر أحد على مثله، ولا سيما إذا ستره الصبي واجتهد في إخفائه).
ويشار إلى هذا الأسلوب في نظريات التعلم بمصطلح: (الانطفاء).
ومـعـنـاه أن الصبي إذا قام بسلوك غير لائق وتجاهله المعلم وأعرض عنه ولم يُبْدِ نوعاً من الإيناس وبشاشة الوجه للصبي؛ فإن الصبي يبدي رغبة أقل في تكراره ويتركه؛ فينطفئ. وقد قدم لنا كل من (مارتن وبير) في كتابهما: (تعديل السلوك) عدة شروط يجب مراعاتها لكي يـكـون اسـتـخـدامـنـا للانطفاء أكثر فعالية في تعديل السلوك.

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة

Create an account or log in to leave a reply

You need to be a member in order to leave a reply.

Create an account

Join our community by creating a new account. It's easy!


Create a new account

Log in

Already have an account? No problem, log in here.


Log in

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى