التلميذ واشارات الاعتراف

لعلّ من بين الأمور الّتي تُشعر الإنسان بدرجة عالية من الإحباط عدم البوح له بإشارات اعتراف إيجابية، ترفع من معنويّاته، فتزيده طاقةً وحماسًا. فحبّ الإنسان لهذه الاشارات حاجة بيولوجية ونفسيّة لا غنى عنها في الحياة اليوميّة.

والإنسان غالبا ما ينتظر من النّاس الّذين حوله أن يقدّموا له اعترافات إيجابيّة  على إنجازاته، ليحسّ بوجوده و أهمّيته. فمثلا الموظَّف يحتاج من مسؤوله كلمات شكرٍ وعرفان، تثميناً لمجهوداته في العمل، إذ أنّ هذه الكلمات هي عبارة عن إشارات تنشيطٍ تُشعره بالرّاحة والرّفاهيّة في عمله، فتزيد من مردوديّته.

كذلك الأمر بالنّسبة للطّفل؛ فهو يحتاج لإشباع حاجياته من الاعتراف بما يقدّمه، حتّى لو كان ذلك الأمر بسيطا، فهو له نفس أهمية حاجته للأكل والشّرب والنّوم. 

وإنّ غياب إشارات الاعتراف تؤدّي إلى آلام بدنيّة ونفسيّة متفاوتة التأثير؛ فقد نتج عن دراسة قام بها الدكتور "أيريك بارن " إلى أنّ الطّفل الّذي لا يأخذ حاجته من إشارات الاعتراف سيبدأ عموده الفقري بالذّبول مع الوقت، ممّا يِؤدّي إلى آلام في الظّهر. والمسؤولية هنا يتشارك فيها المعلّم والعائلة، فكلٌ منهما مطالب بالبوح بإشارات الاعتراف الايجابيّة لتحويل طاقاته السّلبية إلى طاقات إيجابيّة يستثمرها في دراسته أو عمله أو محيطه الاجتماعي بصفة عامة.

والمعلّم هنا له دور أساسيّ في تنمية قدرات الطفل العلميّة، من خلال مدحه وتحفيزه  الدّائم وتثمين مجهوداته على بساطتها. والعائلة كذلك لا يقل ّدورها عن المعلّم؛ فكلمة "أحبّك" أو قبلة أو مساعدة في حلّ الواجبات من طرف الوالدين، كُلّها إشارات اعتراف تمنح الطّفل إحساسا بأهمّيته ووجوده ومكانته الرّفيعة عند أهله.
وفي نفس السياق، أشارت إحدى الدّراسات إلى أنّ الطفل يهتمّ بدروسه، إرضاء لوالديه ومعلّميه، لتزويده بشحنات من إشارات الاعتراف الإيجابيّة.

ومن هنا نستنتج أنّ إعطاء الطّفل حصّته المستحقّة من إشارات الاعتراف الإيجابيّة أمر ضروريّ بإلحاح، لما له من أهمّية في نموّه، وتحصيله العلميّ، وتعزيز ثقته بنفسه. لذلك علينا عدم إهمال هذا الأمر، فهو بمثابة الوقود للنّجاح وتطوير الذّات لتذليل المعضلات.

منقول.