سمكة ام شبكة..

..
سمكة ام شبكة؟؟
يقول مثلٌ صيني «لا تعطني سمكةً بل شبكة أصطادُ بها». ويتداول الكثيرون هذا المثل، إلا أننا لا نجد حتى الآن من تناول أبعاده الدالة دلالة ذات أبعاد غير متناهية. في الحكمة الصينية دائماً أعماق لا يصلها من يتلقط عابراً كلمة دالة من هنا أو هناك. العمقُ هنا أبعد من صورة شخص يأبى أن يظل متسولا، ويعي أن الخير كل الخير أن يكون منتجاً فعلا. العمقُ هنا ذو دلالات ثقافية و اقتصادية واجتماعية؛ فمن يعتمد على سمكة تأتيه حين يجوع من يد تمتد إليه، سيظل عاطلا أشبه بنحلة عاطلة عن العسل، والعطالة هنا هي عطالة يد وفكر، فهو لن يستخدم يديه، ولن يستخدم فكره، وسيظل معزولا عن الطبيعة من حوله، بالإضافة إلى عزلته عن من حوله. ومعنى هذا أن هذا الإنسان سيتحول إلى اتكالي لا يقيم علاقة بمادة أو بشر. سيكتفي بالتقاط قوت يومه.. إنه إنسان هامشي وليس خليفة الله سبحانه في أرضه. في المقابل، سنجد صاحب الشبكة أكثر اتصالا وفعالية؛ فهو يفكر وهو يصطاد، ويتحرك جسداً، أي إنه سينمو فكريا وجسديا، وسيقيم بالضرورة علاقة بالطبيعة من حوله، بتراب وطنه، بأهل وطنه، وسيكون إنساناً منتجاً. سيمتلك القدرة على بناء بيته وصناعة آنية طعامه وكتابة أغانيه وقصائده. ستكون له ثقافة وخبرات يورثها لأجياله القادمة. سيكون إنسانا بمعنى الكلمة، وخليفة حقاً في هذه الأرض. ما يشير إليه المثل الصيني ويؤكده هو الفرق بين إنسان مستهلك ذي بعد واحد، وإنسان منتج متعدد الأبعاد. وفي هذا العمق يمكننا القول إن الفرق بين من ينتظر السمكة وبين من يخرج للصيد فرق بين من هو دون الإنسان وبين الإنسان المالك لمصيره وقراره الحر. أي أن الفرق بين الحالتين هو الفرق بين مستهلك قانع بعبوديته ومنتج يسعى إلى أن يكون حراً.

لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين

حال شبابنا اليوم مع anem و das