المراهقة تاريخ تصنعه أخطاء الماضي

الكاتب: فاطمة الزهراء شرف الدين

العادة السرية ظاهرة طبيعية عند المراهقين
إذا كان المراهق طفلا في نظر أبويه يحتاج دعمهما و توجيههما، فهو يرى نفسه راشدا من حقه اتخاذ القرار و التعبير بحرية، من هنا أسست الدكتورة فاطمة الكتاني الأخصائية النفسية في الإرشاد الأسري لنوعية العلاقة بين الآباء و أطفالهم في فترة المراهقة المتسمة بالتحول و التوتر و الشد و الجذب، و نظرا لحساسية المرحلة و أهميتها في رسم معالم شخصية الفرد، فقد أصدرت كتابا بعنوان" كيف تكسب ابنك المراهق" و هو بمثابة دليل لبناء علاقة سليمة بين الابن المراهق و أبويه. فكيف نفهم المراهق و ما هي الأخطاء و المشاكل التي تصنعه في نظرها؟
لماذا اخترت تخصيص كتابك لمعالجة موضوع المراهقة
لأن المراهقة مرحلة مهمة و حاسمة، و هي تحدد الطريق الذي سيسلكه الفرد كان إيجابيا أو سلبيا، و تمثل اكتمال النمو الجسدي و العقلي، و تتسم هذه المرحلة بتغير العلاقات القائمة بين الأبناء و الآباء خاصة و أنها تقوم على الأوامر في الطفولة و لكن المراهق لا يتقبل أن تستمر هذه المعاملة، و هو ما يخلق عنده أزمة تؤدي إلى مشاكل كثيرة خاصة أن علاقته مع والديه في المراهقة تؤثر عليه مدى الحياة.
ما هي أهم المشاكل النفسية التي يعاني منها المراهقون بالمغرب؟
حسب تجربتي في المجال العيادي، فأغلب الحالات تعاني من الاكتئاب، فقدان الثقة في النفس، الإدمان على التدخين و المخدرات، الإدمان على التلفزيون و الانترنت، الكذب، السرقة، التوقف
ما هي الأخطاء السائدة لدى الراشدين في تعاملهم مع المراهق في المغرب؟
للأسف نحن كآباء ليس لدينا وعي كاف بأساليب التربية، و أهم الأخطاء التي نقترفها هي الميل للصراخ و اللجوء إلى الضرب إضافة إلى عدم احترام شخصية المراهق، التعامل معه كطفل و عدم تحميله المسؤولية كما عرفت المراهق في كتابي بأنه طفل في نظرنا بحاجة لعطفنا ودعمنا وتوجيهنا، وهو راشد في نظره بحاجة إلى حرية التعبير واتخاذ القرار، وبحاجة إلى إثبات وجوده، المراهق هو شخص شديد الحساسية لتعليقاتنا وانتقاداتنا، ومتقلب المزاج ومشاكس ومشاغب ويميل للتحدي والتمرد، هو شخص يعيش صراعا مع ذاته ومع الآخرين فهو يميل للابتكار والتغيير، ويميل للانتقاد ما هو سائد ومتعارف عليه.
كما أنه من الخطأ تلبية كل طلبات المراهق المادية و الاعتقاد بأن الحوار مع المراهق فرصة لإعطائه الأوامر و النصائح المتكررة بل الإنصات لما يقوله، هناك أيضا مثل شائع في المغرب يقول:" المربي من عند ربي" أرى أن هذا القول بمثابة تملص من مسؤولية التربية الواجبة نحو الأبناء، فكأن الوالدين يريحان ضميرهما و يتخلصان من عقدة الذنب لعدم تربيتهما ابنهما تربية صحيحة أو يتم تحميل الأم مسؤولية انحراف المراهق.
هل يكون لدى المراهق وعي بأن ما يفعله خطأ أو غير جائز أخلاقيا؟
المراهق ينجذب للأخطاء، و عادة ما يفعل أشياء غير لائقة فقط للانتقام و معارضة والديه، و لكن هناك مشاكل يعاني منها المراهق خارجة عن إرادته كالفشل الدراسي أو الاكتئاب.
من المسؤول عن انحراف المراهق؟
للأسف ليس لدينا "فن علاقات" لا في المدرسة و لا مع الآخرين و لا مع الأطفال، الابن يولد طبيعيا ويصبح بين عشية و ضحاها طفلا " مهرس" (مكسرا)، لدينا مآس في التربية، فالآباء يضربون أبناءهم باسم التربية و بنية حسنة و لكن المراهق يقول مع نفسه " أبواي لا يحبانني"، و عندما يقول الأب لابنه: "أنت حمار"، تترسخ هذه الصفة في عقله و تولد عنده العدوانية و الخجل و الشعور بفقدان الثقة و الذنب، فالمراهق هو تاريخ، أخطاء الطفولة و الماضي هي من تصنعه.
أرى أن الصراخ و الضرب هو دليل على فشل الوالدين في التربية لأنهما بذلك يعلنان أنهما غير قادرين على فرض قوانينهما بالحوار فقط.
كما أن النظام التعليمي في المغرب يضيع الشباب، فالمناهج لا تنفتح على علوم الحياة اليومية، فمثلا عندما يتخرج الشاب من الجامعة، يجد أن شخصيته تلعب دورا أساسيا في التحاقه بسوق الشغل و تعتبر أكثر أهمية من الشهادة الجامعية المحصل عليها.
هل يمكن التحدث عن حب حقيقي في فترة المراهقة؟
صحيح أن الميل للجنس الآخر يبدأ أثناء فترة المراهقة بسبب التغيرات الهرمونية و لكنه يبقى حبا غير ناضج.
و ماذا عن الفتاة المراهقة المتزوجة؟
زواج المراهقة خطأ، خاصة و أن عصرنا الحالي يتميز بتأخر النضج العقلي و من هنا يكون التخوف من الوقوع في نزوة عابرة، أضف إلى ذلك أنه من المفروض أن يكون الحمل بعد سن العشرين.
الزواج مشروع مهم و خطير، و يجب أن تكون المرأة على درجة من الوعي المبني على العقلانية، فالرجل و المرأة مختلفان كثيرا من حيث ردود الفعل و طريقة التفكير و تقديراتهم للأمور، فالرجال من المريخ و النساء من الزهرة (تحيل على كتاب للطبيب النفسي الأمريكي جون غراي صدر سنة 1992 يتحدث عن اختلاف الأذواق و الطباع بين الرجل و المرأة).
كيف تنظرين إلى العادة السرية عند المراهق؟
أرى أنها أمر طبيعي ، فأغلبية المراهقين يمارسونها و هي أفضل من إقامة علاقات جنسية، إلا أن الإكثار منها يؤدي للعزلة و الاكتئاب و الشعور بالذنب، لذلك أنصح المراهقين بالرياضة و التقليل من ممارستها تدريجيا ، فهو سلوك يمكن التحكم فيه لأنه إرادي و مقصود.