اضطراب الانتباه لدى الأطفال

تعاني شريحة لابأس بها من الأطفال من اضطراب في الانتباه والذي يتضح من خلال عدم قدرتهم على التركيز على المنبهات المختلفة لمدة طويلة، ولذلك فإنهم يجدون صعوبة في متابعة التعليمات وإنهاء الأعمال التي يقومون بها ، كما أن لديهم ضعفا في القدرة على التفكير مما يجعلهم يخطئون كثيرا ،كما أن أن حديثهم في الحوار يكون غير مترابط.
ويتسم هؤلاء الأطفال بالاندفاعية ولذلك تجدهم يجيبون عن الأسئلة قبل استكمالها ، كما يقومون ببعض السلوكيات التي قد تؤدي الآخرين ،أو تعرضهم هم أنفسهم للمخاطر مثل القفز من أماكن مرتفعة أو التدافع أو الجري بطريقة عشوائية دون مراعاة لخطورة المكان الذي يتواجدون فيه.
ويعد اضطراب الانتباه من أكثر الاضطرابات شيوعا بين الأطفال حيث ورد تقرير عن وكالة الصحة العقلية الأمريكية جاء فيه أن نصف الأطفال المحالين للعلاج بها كانوا يعانون من هذا الاضطراب.كما بينت نتائج الدراسات العلمية الوبائية الحديثة في الطب النفسي أن هذا الاضطراب يصيب نسبة تصل إلى 10 % تقريبا من أطفال العالم .كما أن معدل انتشاره بين الأطفال في عمر المدرسة يتراوح بين 4% و 6 % .والجدير بالذكر أن معدل انتشاره بين الأطفال الذين ينتمون لأســر ذات مستوى اقتصادي اجتماعي منخفض يصل إلى 20 % تقريبا . أما معدل انتشاره حسب الجنس فهو 06 ذكور مقابل 01 أنثى ، بمعنى أن انتشاره بين الذكور يصل إلى ستة أضعاف انتشاره بين الإناث (Wender,1995)

تمثل المواقف التي يتعرض لها الأطفال الذين يعانون من اضطراب الانتباه في المدرسة تحديا حقيقيا حيث لا يستطيعون مواكبة أقرانهم من الأطفال العاديين في التعلم والتحصيل .ويمكن للمربين التعرف على الأطفال الذين يعانون من هذا الاضطراب ومعاملتهم معاملة خاصة ،إذا كانت تظهر عليهم الأعراض التا لية :
1. عدم القدرة على الانتباه لمدة طويلة: عدم القدرة على التركيز على منبه ما لمدة طويلة (بضع دقائق).
2. سهولة تشتت الانتباه : صعوبة التركيز على منبه معين دون الالتفات إلى ما يدور في البيئة المحيطة.
3. ضعف القدرة على الإنصات : عدم التمكن من الإنصات مليا إلى المتكلم،مما يؤدي إلى ضعف الاستيعاب .
4. ضعف القدرة على التفكير: عدم القدرة على اكتساب المعلومات الكافية عن طريق الإنصات يؤدي إلى اضطراب الذاكرة التي تساعد على التفكير.
5. تأخــر الاستجابة : العمليات العقلية التي تقوم بمعالجة المعلومات بطيئة لدى هؤلاء الأطفال . فهم يستغرقون وقتا طويلا لحل مسألة في الرياضيات مثلا ، بالمقارنة مع أطفال عاديين. مما يؤدي إلى عدم القدرة على إنهاء العمل الذي يقومون به في الزمن المحدد لذلك.
6. عــدم القدرة على إنهاء العمل : إن الأعراض السابقة الذكـــر تؤدي إلى عدم القدرة على إنهاء الأنشطة المطلوبة في القسم. مما يؤدي إلى تفاقم الأوضاع.
7. النشاط الحركي المفرط : كثرة الحركة البدنية بدون سبب أو هدف.إلى جانب القيام ببعض السلوكات الغير المقبولة والتي يكمن من ورائها الإفراط في النشاط الحركي.
8. الاندفاع : القيام بأعمال دون التفكير جيدا في المطلوب فعله. كالإجابة عن أسئلة مثلا قبل استكمالها. أو الانتقال من نشاط إلى آخر قبل الانتهاء من النشاط الأول. وهو من أكثر الأعراض شيوعا عند هذه الفئة من الأطفال.
9. السلوك اللاإجتماعي : عدم الاهتمام بالسلوك الإجتماعي الذي يرتضيه الآخرون والقيام ببعض السلوكات الشاذة التي تجعل الآخرين يشمئزون منهم.وكنتيجة لذلك فإن الأطفال المصابين بهذا الاضطراب تضطرب علاقتهم مع من يحيطون بهم.
10. لوم الآخرين: عدم الاعتراف بالأخطاء و محاولة تبرئة النفس وإلقاء اللوم على الآخرين.
11. التردد : كثرة التردد عند اتخاذ القرارات حتى ولو كانت بسيطة. ويزيد هذا التردد في القرارات المتعددة الاختيارات.
12. التصديق الأعمى : عدم التمييز بين كل ما يسمعه من حديث وتصديق كل ما يقال سواء أكان حقيقة أم خيالا محضا .
13. عــدم النضوج الانفعالــي : عــدم التحكــم في الانفعالات وعادة ما تكون انفعالاتهم متقلبة لا تخضع لقاعدة معينة.
14. أحلام اليقظة : عدم القدرة على الارتباط بالعالم الحقيقي . ومحاولة العيش في عالم من نسج الخيال. ولهذا يطلق بعض العلماء على هؤلاء الأطفال اسم "أطفال أحلام اليقظة" أو"الأطفال المحملقون في النجوم"
15. التعليقات الشفوية : القيام بتعليقات شفوية على الكلام المسموع أو ترديد بعض مقاطعه أو تحويله إلى أسئلة.
16. ضعـف القدرة على التعبير : عدم القدرة على تقديم المعلومات عن موضوع معين بصورة منطقية ومتسلسلة ،كالحديث عن واقعة معينة أو كسرد قصة مثلا.
(Barkley,1988),(Jordan,1991,1992),(Rief,1993)

إلى جانب العلاج النفسي والعلاج السلوكي الذي يحتاجه الأطفال الذين يعانون من اضطراب الانتباه والذي يتطلب خبراء في هــذه الاختصاصات ، يمكن للمعلمين اتخاذ عدة إجراءات وتدابير من شأنها أن تساعدهم ( المعلمين) في التعامل مع هذه الفئة من الأطفال ، والسيطرة على سلوكهم الغير المقبول للتقليل من تأثيره على تحصيلهم الدراسي. نذكر من بين هذه التدابيــر :
1. بعد حجرة الدراسة عن الضوضاء والمنبهات الصوتية الأخرى (الملعب مثلا).وخلوها من الصور والمنبهات البصرية من أشكال وألوان وغيرها تؤدي إلى تشتت الانتباه لدى هؤلاء الأطفال.
2. عدم عزل هؤلاء الأطفال في حجرات دراسية خاصة بهم ،لأن ذلك سيحرمهم من التفاعل والتعلم من السلوك لإيجابي لأقرانهم الأسوياء.
3. يجب أن يكون عدد هؤلاء الأطفال محدود في القسم الواحد . ذلك لأن تواجد عدد كبير منهم في مكان واحد يرهق المربي ويؤدي إلى تشتت انتباه الأطفال الأسوياء كذلك ويضعف قدرتهم على التركيز.
4. عدم السماح للطفل الذي يعاني من هذا الاضطراب أن يجلس بجوار طفل آخر لا يعاني منه ، حيث أن سلوك الطفل الذي يعاني من هذا الاضطراب سوف يؤثر على سلوك الطفل السوي.
5. معرفة نقط الضعف لدى هؤلاء الأطفال والعمل على تعديلها. إلى جانب استثمار وتنمية نقط القوة لديهم وإظهارها أمام أقرانهم حتى تنمى لديهم الثقة بالنفس.
6. إتباع نظام ثابت لجذب انتباه هؤلاء الأطفال والتذكير به في بداية كل درس، أي عدم الخروج عن المألوف حتى لا يتشتت انتباههم.
7. استخدام بيداغوجية خاصة لتدريس هؤلاء الأطفال .بحيث تتضمن التدريس بالأمثلة ، ثم الكتابة ، ثم التطبيق العملي من قبل المعلم ، ثم تدريب التلاميذ.
8. التأكد كل مرة من متابعتهم للدرس (الشرح)، والعمل على جذب انتباههم مرة أخرى في حالة تشتته .
9. اعتماد عنصر التشويق والتنويع في تقديم الدروس مع التركيز على الكيف بدل الكم لأن هؤلاء الأطفال يملون سريعا خاصة من العمل الكثير و المتكرر.
10. يجب أن تكون التعليمات المصاحبة للأنشطة بسيطة وواضحة. كما يجب على المعلم أن يجعل المتعلم يكرر هذه التعليمات بصوت مرتفع قبل القيام بإنجاز الأنشطة المطلوبة،حتى يتأكد من سماعه لها وفهمها .
11. السماح لهؤلاء الأطفال بالتحرك داخل القسم داخل إطار مقبول، كتكليفهم بمسح السبورة أو توزيع الدفاتر مثلا .كما يجب عدم حرمانهم من فترة الاستراحة كعقاب لهم. لأن الحركة ضرورية لهؤلاء الأطفال.
12. إتاحة الفرصة لهؤلاء الأطفال بتذوق نشوة التفوق والنجاح من خلال التفوق في إنجاز نشاط ما داخل القسم وذلك بتكليفهم بتمارين بسيطة يستطيعون القيام بها. ذلك أن الشعور بالنجاح ينمي لديهم الثقة في النفس ويرفع من معنوياتهم.
13. يجب أن تتخلل الدروس فترات استراحة قصيرة تتراوح مدتها بين دقيقتين و ثلاث دقائق .يطلب فيها من هؤلاء الأطفال القيام بحركات معينة كالوقوف والجلوس مثلا ، وذلك لتجديد النشاط، لأن هؤلاء الأطفال لا يستطيعون تركيز انتباههم لمدة زمنية طويلة.
14. تعليم هؤلاء الأطفال طرقا معينة لتنظيم وترتيب الأدوات المدرسية وكيفية استعمالها لأن هم ميالون إلى العبث بها وسوء استعمالها مما يؤثر على انتباههم أو إهمالها كليا و إهدار الوقت في البحث عنها.
15. منح هؤلاء الأطفال وقتا كافيا لإنجاز الأنشطة المطلوبة لأنهم لا يستطيعون إنجاز العمل المطلوب في نفس المدة التي ينجز فيها التلاميذ الأسوياء نفس التمرين.
16. تدريب هؤلاء الأطفال على التفكير قبل الإجابة، فهناك طريقة فعالة يمكن إتباعها من طرف المعلم، وذلك بتدريبهم على الإنصات أولا ثم التفكير ثانيا وأخيرا الإجابة عن السؤال.
17. عدم إثقال كاهل هؤلاء الأطفال بكثرة الأنشطة (التمارين) والاكتفاء بالقليل منها حتى يستطيعوا انجازها كلها.
18. إشراك هؤلاء الأطفال في جميع الأنشطة خاصة الرياضية منها والفنية حيث تعمل الأنشطة الرياضية على التنفيس عن الطاقة المكبوتة لديهم في شكل سلوك مقبول اجتماعيا، كما أن الأنشطة الفنية تنمي لديهم القدرة على التركيز.
19. إقامة علاقة طيبة مع الأطفال الذين يعانون من هذا الاضطراب. وعدم إفشاء أسرارهم، أو التحدث عن مشاكلهم ونقط ضعفهم أمام أقرانهم.
20. تشجيع الطفل الذي يعاني من هذا الاضطراب على التحدث عن مشاكله الخاصة والعمل على مساعدته بتقديم اقتراحات له وتوجيهات مصحوبة بأمثلة.
21. الاستعانة بفريق العمل الموجود في المدرسة أو بأشخاص لهم خبرة في مجال علم النفس، في حالة مواجهة المعلم لصعوبات خارجة عن تخصصه وإمكانياته في التعامل مع هؤلاء الأطفال.