آهـــات مـن رحـــم التـربيـة والتعــليـم

أبـــي مــتــي نـعـــود الــــى خــــراطـــــــة ؟

آهـــات مـن رحـــم التـربيـة والتعــليـم

السيد المفتش : الســلام عـليـكـم ورحـمــة الله تـعـالى وبركـاتــه لـم أســتطـع أن أتـنـفـس هـواء مـكـتبـي عـلـى بسـاطـة هـيـئـتـه وصفـر حجـمـه بـل ضـاقـت نـفـسـي كـأنـي أصعـد فـي الســماء مـن فـرط مـا حـيـرنـي مـن آهــات وآلام حـمـلهـا إلـى ولــي أحــد التـلامـيـذ عـلى ثـقـل وزنـهـا
وقــول ولــي التـلامـيـذ بـعـد أن رحـبـت بـه وقــدمـت لـه واجـب الإكــرام :
سـيــدي الـمـديـر :" أريـد أن أخـد مـن وقـتــك الـثمـيـن لـحـظـة " فـقـلـت عـلــى وجــــه الســرعــة " عــلى الـرحـب والســعـة ، فـليـس أغــلى مـن أن أسـتـمـع إلـيـك فـإن لـم أفــدك شـغـلـتـنـي فـي الـبحـث عـن الجــواب الــذي يـشـفـي ظــمـأك ." وبـعــد أن تـشهــد بآهـــات تـخـــرج مــن أعماق فـــؤاده قـــال : " أحـمـل إلـيـك ثــلاثــة عــناويــن كـبـرى إذ أولــهــا الـعـنــف المــدرسـي و دور الشــارع وثــانـيـها روح المـسؤولـيـة لـدى الـمـعـلـم وأخــراهـا صعـوبة إنـدمـاج أطـفـال فــي وسـط جـيـد وغــريـبا عنهم . "
أصلحت جلستي متقدما نحو المكتب بعد أن شعرت أنني أميل إلى السقوط على وقع ثلاثة قنابل بعناوين مختلفة كأنها سهام تصيب فتردي أو تألم ,لكنها حقا تصيب .
- يواصل الولي قائلا ." أما العنف المدرسي فشطران إثنان .
- ألهما ما يلاقيه إبني من الضرب وسماع لأنواع الشتائم والسباب هلم جرى من الكلام الفاحش على يد والسنة أقرانه فيندهش لألفاظ لم يسمعها من ذي قبل,بل أصبح يصاب بصرع ويشعر بالغثيان كلما سمعها بعدما عرف سابقا ان العقاب على كل كلمة فاحشة منبودة في مجتمعه هو الحل الوحيد ممثل هذه الأعمال .لقد ولد إبني وتربى في بادية قبائله ومجتمع شديد الحرص على التربية ومعاقبة المخالف وهواليوم يعيش مجتمعا مخالفا تماما يقل فيه الزجر إن لم أجزم أن عادته السيئة هذه أصبحت تقليدا أعمى فيتساءل إبني عن مجتمع يقبل بما هو فيه فزاد الأمر إنطوائه وخوفه الشديد وإرتعاده حتى من ظله سكنت برهة وقلت "صدقت ".
- وأما الثانية فهو عنف المدرسة / لقدإحتار ولدي لأنه أولا لا يفهم لغة معلمه فالخطأ أنه تلقى جميع الدروس خلال عدة سنوات بأمازغية من خلال المعاملات حتى داخل المدرسة ورغم أنني لم أغفل عن تلقينه التحدث بالعربية إلا أنه لا يفهم مايتلقاه وقد أرجع هو ذلك إلى عامل السن لدى المعلم , وقلة النظر وزيادة على وجود آلة للأسنان في فم معلمه , وما زاد الطين بلة كثرة التدخين ودوام الخروج إلى دورة المياه ساعة بساعة.
الغريب في الأمر أن السيد المعلم يعاقبكل التلاميد ضربا حين عودته من دورة المياهأو من السجارة كان يستنشقها لأنهم أحدثوا فوضة في الكلام خلال غيابه .
نعم, الكل وجب تأديبه فاعلها وتاركها , فيحزذلك في نفسي إبني المتبلد الجامد الذي لا يتحدث حتى مع أصدقائه فتحمر عيناه ووجنتاه ويغيب عنهالتركيز ,ينتظر بفارغ الصبر وقت الخروج ليجد من ينصفه في عائلته ومن له غيري؟ فأعيد له كرامته التي أصيب فيها وإعتباره الذي أخد منه عنوة طرف معلمه من حيث لايدري هذا الأخير.نعم يشعر بكرامته التي سلبت أمعنت النظر في الولي أكثر و قد إغروروت عيناي دمعا .فقلت .صدقت ،أماالسهم الثاني فروح المسؤولية لدى المعلم حين أدائه لواجبه.
بعد أن صال وجال في المسؤولية قال ولي التلميد:"لقد ذهبت إلى المعلم في منزله برفقة أحد سكان هذه البلدة حملت المعلم المسؤوليةكاملة عن التقهقرالذي أصاب والدي فب نتائجه فأنا لا أرضى أن يتحصل إبني عن معدل10/5بعدما كانت نتائجه لاتقل عن معدل 10/7. إبني ياسيدي المعلم لايفهم لغتك وهوشديد الخوف منك لأنك لم تؤمن هو يريد أن يحافظ على كرامته فل يعاقب إل حين يرتكب ما وجب العقاب عليه وأنيعرف نوع العقوبة وكيفية آدائها . سيدي المعلم أنت كثير التدخين و كثير الخروج وهو أمر جد صعب على عقلية إبني .فإين روح المسؤولية ؟ فقلت صدقت .
- فأما السهم الثالث ، فيقول:" لقد عشنا في مجتمع متحفظ وصارم ( يقصد القبائل ) فزيادة على اللغة العربية والدارجة التي يصعب على لإبني فهمها لأن أغلب مدرسيه كانوا يتحدثون الأمزيغية حتى خلال إلقائهم لدروس بمختلف موادها ناهيك عن التعامل والتحادث بهذه اللهجة مم إنعكس سلبا عليه في مجتمع مغاير تماما فلم يستطع الإندماج فيه وأصبح يشعر بالغربة والإنطواء والإنزواء ، يتطلع كل ساعة الى العودة إلى ماضيه القريب لعله يخرج من هذه الحيرة وحالة العقاب بدون ذنب وإنعدامالشعور بالمسؤولية وصعوبة الإندماج فيسألني : أبي متى نعود إلى خراطة ؟.
غادر الأب المكتب وهو كله أمل في أجد له حلول تساعده ،توجهت في حينها إلى القسم وناديت على الطفل فإندهش لأنني ذكرته بإسمه الكامل و باللهجة الامازيغية نظر إلي وجاءني مطأطأ الرأس وقد بدأت وجنتاه في الإحمرار وغشت عيناه دموع ولم يرفع رأسه ولم ينظر إلي ....
دعوته إلى مكتبي وتحدثت إليه بروح الصداقة بعد أن شعر بالامان فلم يتحدث معي إلا بإشارات من رأسه الصغير .لقد وافق على ان أخصص له ساعة من الدراسة يوميا وإستعنت بصديق يتقن التحدث بالشلحة وهي أقرب بكثير إلى لهجته الأم كما وافق على أن يحضر ليأخد دروسا مساعدة رفقة تلاميذ السنة الخامسة كل يوم سبت ، وإني أسأل الله أن يوفقني فيم عزمت وأتطلع إلى توجيهاتكم وإعانتكم فلعل الله يجعلنا أسبابا لإنقاده وإخراجه من عزلته.
الأسئلة المطروحة :
- كيف يتم حل العنف المدرسي داخل المدرسة وخارجها ؟
- لماذافقدناالإحساسبروح المسؤولية ؟
- كيف يندمج أطفالنا في مجتمعات لم يألفوها من ذي قبل ؟
وإلى أن تعرف الأجوبة يبقى السؤال الأهم مطروحا :
متى نعود إلى خراطة؟


تويلــي هـــــواري
- بني ونيف -