شتم رجل أبا ذر الغفاري رضي الله عنه فقال له أبا ذر: يا هذا لا تستغرق في شتمنا ودع للصلح موضعًا فإنا لا نكافئ من عصى الله فينا بأكثر من  أن نطيع الله فيه فهدأ الرجل وكف عن الشتم.
فهذا الموقف يحمل دلالات هادية في رحاب الأسوة الحسنة والقدوة الصالحة في التعامل مع الناس فالمؤمن لا يشارك المسيء ولا يحاربه في إساءته بل يلتزم بهدي القرآن الكريم ويتأدب بأدب نبي القرآن وصاحب الخلق العظيم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم علمنا ألا نقابل السيئة بالسيئة وأن نستجيب لقول الله تعالى (ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن).
كما يشير الموقف - أيضا ً - إلى ثمرة الالتزام بحسن الخلق حيث إن الرجل الشاتم هدأ وكف عن شتمه وتحول الموقف من البغضاء والعداوة إلى المودة والصفاء وهذه حقيقة يؤكدها القرآن الكريم قال تعالى (فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم).
وكما أن لحسن الخلق أثرًا محمودًا في إصلاح العلاقات بين الناس فإن له أثرًا في رفع منزلة العبد عند الله تعالى وعند رسوله صلى الله عليه وسلم.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن خياركم أحاسنكم أخلاقًا).
وحين سُئل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الناس خير؟ قال صلى الله عليه وسلم (أحسنهم خلقًا).
وفي ضوء هذا الموقف نود أن نتعرف على الآثار التي تترتب على سوء الخلق لاسيما وقد تعلمنا من سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي موقف آخر مشابه لهذا الموقف أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أقبل عليه رجل سيء الخلق فعندما دنا منه بش في وجهه وحدثه بكلام طيب ثم قال للسيدة عائشة رضي الله عنها عندما تعجبت من صنيعه (يا عائشة إن شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة من ودعه أو تركه الناس اتقاء فحشه).
وكما رغب رسول الله صلى الله عليه وسلم في حسن الخلق فقد حذر الرسول من سوء الخلق لأن ذلك يُفسد العمل الصالح ولقد قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن فلانة تقوم الليل وتصوم النهار وتتصدق ولكنها تؤذي جيرانها بلسانها فقال صلى الله عليه وسلم (لا خير فيها هي من أهل النار).
وفي هذا الموقف دلالة عظيمة وهي أن الشتم والطعن واللعن ليس من أخلاق المؤمن ولقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (ليس المؤمن بطعان ولا بلعان ولا الفاحش البذيء).