حواجز الأوهام

**abdelouahed** · **abdelouahed** الخميس يونيو 05, 2014 7:42 pm

الحواجز كلمة مأخوذة من الحجز، ومعناه المنع، والكف والعرقلة قصدا، والحواجز هي ما ينتصب كسد منيع أمام الحركة، ومحاولة الانتقال المادي أو المعنوي إلى الأمام، وقد يقوم هذا الحاجز المتغير بالتخطيط والإصرار، وقد يحدث مصادفة نتيجة تصادم الأشياء والأفكار والأحداث، وذلك بفعل جريان الزمان، واستحالة المكان، وتجدد الآراء والمذاهب والتيارات المتنافسة بقوة وقد تتسلط بعض الحواجز على المجتمع –ما- فتعطله عن النهوض والتقدم..

أما الأوهام فمعناها التصورات والظنون التي يحضرها الإنسان في نفسه، بسبب الخيال والتخيل، فيتوهم أشياء وصورا قائمة، والحقيقة أنها ليست موجودة في الواقع المشهود. وهناك أوهام كثيرة تحجز الإنسان أو تمنعه من الانطلاق في خوض معارك التغلب على مشكلات الدنيا، والاستعداد للآخرة، ومن ذلك أن يتوهم فرد من المجتمع أنه متعلم بينما لا يمتلك من التعليم شيئا، ويظن أنه مطلع على أسرار الكون المرئي وهو لا يعرفه، وقد عبر عن هذا الموقف كاتب لامع، ومما قاله: إن فلانا قصير ويزعم أنه طويل، وهو بخيل ويظن أنه كريم... ويمكن إلقاء نظرة سريعة على بعض الحواجز التي تمنع أو تعيق مجتمعنا عن السرعة في اليقظة والتقدم، وتكفه عن المغامرة في معركة الطموح والنهوض، ومنها على وجه العموم، الافتخار الذي تبرره الأهداف والوقائع والنتائج المحققة عمليا، والإدعاءات التي لا يقبلها العقل السليم والتواضع غير المناسب، والغرور الذي يؤدي بصاحبه إلى الهاوية ويفضي به إلى الكسل، والإهمال الذي ينتهي بأصحابه إلى الإخفاق، والتواكل الذي يجعل الحياة معقدة وبغيضة، والاعتماد على الحيلة أو القوة في الكسب، وعلى الخداع في المعاملة والعبث بالواجبات والمغالاة في التعلق بالحقوق، والمبالغة في السعي إليها وتحصيلها بالمعروف أو بالمنكر، وانفصال الأقوياء عن الضعفاء قولا وفعلا، واستغلال الإمكانيات والظروف المحيطة لارتكاب المظالم، وإضاعة المصالح، وتأجيج الخصومات بين الفئات الاجتماعية المتجددة.

ومن بين الأوهام الكثيرة التي تمنع أو تكف الحركة والانتقال في سبيل الارتقاء والتقدم وتجعل النضال مطلوبا ومقاومة التخلف وعوامله ضروريا السلبية والاستهانة بالمواقف واحتقار الصغائر التي لا تلبث أن تكبر ويكون لها من النتائج ما يثقل كواهل المجتمعات السائرة في طريق النمو والازدهار.

ومما يقضي على تلك الحواجز، وما يتصل بها، أو يماثلها، ولو كانت غايته وحصينة، العمل والاجتهاد لإتقانه، والتخطيط والبراعة في تحديد جوانبه وآفاقه، والتكافل الذي يذيب الحديد ويجمد الأنهار الجارفة، ويوقف الريح العاصفة، إن هذه العوامل وما يماثلها قادرة على تمزيق ستائر الأوهام، سواء أكانت متينة أو واهية، أكانت كاشفة للنور أم باسطة للظلام، وكل محاولة تأتي لطمس تأثير الحواجز الوهمية لا مجال لقبولها في الواقع الصارخ بالمتناقضات البغيضات.

الواضح جدا أنه حينما تنتشر الأمية، ويشتد العزوف عن الإطلاع، وتضعف مودة ومرافقة الكتب، وتنام محبة التآخي وأفضلية العدل، تسود حواجز الأوهام والظنون وتتغلب أساطير مجيء المعجزات لتفسير الأحداث الكبيرة والصغيرة، وتأويل الآمال والأحلام، وعندئذ يصعب بث الاقتناع، بسلبية الأوهام التي تعيق التقدم في سبيل العلا والارتقاء، والانغماس في متاعب الإعداد للآتي، والمقبل، عوض السباحة في بحر الحنين الشديد لما قد مضى، وذهبت به الأيام والليالي، ولم يبق منه إلا ظلال وصور وخيالات تغري بالأمل، وتحذر من اليأس الذي يغلق أبواب الانتظار ورجاء الخير والفوز، وما أقسى الإقدام على المغامرة في خضم الصراع الدائم بين المقبل والمدبر من الناس والأشياء والأزمنة!

وما أشد قسوة تأثير حواجز الأوهام عندما تنبث أمام الأعين وتتظاهر أمام الإرادة الحازمة، والعزم الصارم. والانضباط والثقافة! وتنكسر تلك الحواجز الوهمية لما تتعرض إلى هجوم قوة حديدية قادرة على إزالة وإزاحة ما قد يكون هناك من عراقيل وموانع مادية أو معنوية.

ولا ينفع في بقائها دعم الذين يخافون من تدفق المعرفة الصحيحة وانتصار إضاءة العقل المرشد بتعاليم وتوجيهات الشريعة الإسلامية السمحة وشموليتها. وإذا أراد مجتمعنا التقدم بسرعة في طريق الخير والبناء النافع والازدهار التام، فما على النخبة المهيأة للقيادة والقابضة على شؤون التسيير إلا أن تولي عناية كبيرة لمقاومة حواجز الأوهام التي تأبى التغير والاستحالة وتحافظ عن السكون والثبات بما عندها من قوة وقدرة.

منقول.

**assem** · **assem** الإثنين يونيو 23, 2014 5:06 pm

موضوع رائع بوركت
حواجز الأوهام 4

حواجز الأوهام

حواجز الأوهام

_da3m_20

Create an account or log in to leave a reply

Create an account

Log in